أكادير : حافلات تفرغ عدد من المشردين والحمقى وضعهم غير انساني
وفي صباح اليوم الاربعاء 15 نونبر ، يبلغون استياءهم من عملية افراغ العشرات من الحمقى والمتخلى عنهم ، خصوصا بعد ان عاين هؤلاء حافلة لنقل المسافرين بالحي المحمدي، تفرغ حمولتها من هؤلاء الحمقى التي يعتقد انها قادمة من أحدى المدن السياحية، حيت لم تحط بشيشاوة او امنتانوت كعادتها بعد اغراق المدينتين بالمختلين عقليا.
وبدأت ظاهرة انتشار المختلين عقليا والمتشردين في عدد من أحياء مدينة أكادير، في تنامي مستمر دون ان يعرف المواطنين ان هذه الفئة من المجتمع يتم تهجيرها قسرا عبر المدن، وهو ما يعد جريمة ضد الانسانية ، وخطرا على سلامة المواطنين مستعملي المجال العام ووصمة عار على جبين المؤسسات الاجتماعية بالمدينة وآفة ماسة بكرامة الإنسان وحقوقه.
بعد استفحال الظاهرة بالمدينة التي اكتشف ان من وراءها قد ارتكبوا جريمة انسانية وجب فتح تحقيق بشأنها. كما سبق للجريدة ان نشرت اخبار عن وفاة عدد من المشردين بالساحات والشوارع من شدة البرد او المرض واحيانا من جرائم ارتكبها المشردون في حق بعضهم البعض او جراء حوادث سير.
مدينة اكادير ، الوجهة السياحية العالمية ، تحولت في الآونة الأخيرة الى محطة توافد " قسرا" لذوي الأمراض العقلية، هذه الشريحة الاجتماعية التي يتم ترحيلها من المدن او اثناء كل تظاهرة، فئة خانتها الذاكرة والمجتمع أكثر.
ففي الوقت الذي يعتبر فيه الطب النفسي هؤلاء المواطنين مرضى عقليا ونفسيا، مما يعني من الناحية السيكولوجية أن حالاتهم قابلة للعلاج إن اعتمدت المقاربة الإنسانية النفسية في التعاطي مع وضعياتهم، نجد المجتمع بكل بنياته يعامل هذه الفئة بتهميش ونبذ قاسيين، يظهر ذلك جليا في كل زيارة ميدانية لعدد من أحياء وساحات المدينة.
– ماهي الرؤية الحقوقية للمختلين عقليا؟
إذا كان مؤشر حقوق الإنسان اليوم لدى المنتظم الدولي واحد من الآليات المعتمدة لتصنيف الدول حقوقيا فالمبادئ الكونية لحقوق الإنسان، كما أقرتها المواثيق الدولية تؤكد، من منطلق مبادئ السلم والعدالة الاجتماعية وكرامة الشخص البشري وقيمته، على ضرورة حماية حقوق ذوي العاهات البدنية والعقلية وتأمين العيش الكريم لهم وإعادة تأهيلهم نفسيا واجتماعيا، مما يفرض على الدولة مساعدة الأشخاص المتخلفين عقليا على إنماء قدراتهم في مختلف ميادين الحياة وتسهيل اندماجهم في الحياة الاجتماعية.
فالحماية القانونية للأشخاص الذين يعانون من أمراض عقلية على الصعيد الوطني تعود إلى بداية القرن العشرين، حيث طبق المغرب منذ سنة 1912 سياسة للصحة العقلية إبان فترة الاستعمار الفرنسي، وبعد الاستقلال صادق المغرب على ظهير 30 أبريل 1959 ثم على ظهير 21 ماي 1974، كما صدرت دورية وزارة الصحة بنفس السنة المتعلقة بلامركزية المساعدة النفسية بخلق 10 مناطق، وتم تبني البرنامج الوطني للصحة العقلية بهيكلته سنة 1993، بالإضافة إلى العديد من المقتضيات على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي وكذا الإداري. وعلى الصعيد الدولي، صدر الإعلان الخاص بحقوق المتخلفين عقليا في 20 دجنبر 1971 والإعلان الخاص بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في 9 دجنبر 1975، وتم اعتماد مبادئ حماية الأشخاص المصابين بمرض عقلي في 17 دجنبر 1991.
كما ان المغرب وبطلب واشراف وتتبع من منظمة الصحة العالمية قد اغلق قبل سنتين أخر معاقل احتجاز المختلين عقليا " بويا عمر" لاساءته لحقوق هذه الفئة في التطبيب الجيد وفق المعايير المتفق عليها عالميا.
كل هذه المبادئ تقضي بضرورة رعاية هذه الفئة الاجتماعية والعناية بالصحة العقلية للمواطنين، كما تلح على الحق في الرعاية والعلاج الطبيين المناسبين، وعلى الحق في التعليم والتدريب والتأهيل والتوجيه، بهدف إنماء قدرات وطاقات المختلين عقليا ونفسيا، وحق هذه الفئة المجتمعية في التمتع بالأمن الاقتصادي، والحق في العمل المنتج ومزاولة أية مهنة تضمن الكرامة والاحساس بالمسؤولية.
– المجتمع المدني بأكدير وسوس يدق ناقوس الخطر لمواجهة ظاهرة المرضى العقليين؟
يقر عدد من الفاعلين المهتمين بالعمل الجمعوي ل" هبة بريس" ضئالة مؤسسات الرعاية ومستشفيات اضافية خاصة بذوي الأمراض العقلية بالمدن السبعة المشكلة لجهة سوس ماسة. كما أن ذات الفاعلين أكدوا قلة الجمعيات العاملة في هذا الاختصاص، من اجل توفير إستقبال جيد للمشردين والمختلين عقليا في ظروف إنسانية وإيواؤهم وعلاجهم، وهو ما يعتبر إشكالا يصعب حله في الوقت الراهن لغياب اي استراتيجية من مؤسسات الدولة او المجالس المنتخبة، مما زاد من صعوبة التعامل مع الحالات الوافدة على مدينة أكادير والمدن المجاورة، وتبقى المبادرات الفردية للمواطنين هو السائد من تقديم الطعام والغطاء لهؤلاء ، على حد تعبير أحد الفاعلين الجمعوين.
فيما أكد أحد الحقوقيين بمدينة أكادير ، أن المدينة تعرف توافد العشرات من المرضى العقليين أسبوعيا ويعيشون على التسول بأحياء المدينة، وأضاف أن عددا منهم يضايقون المواطنين بالشارع العام كلما ازدادت نوباتهم حدة جراء قلة العناية والمتابعة الصحية المركزة والملائمة إلى درجة أنها تشكل خطورة على محيطهم الاجتماعي .
فاطمة في الخمسينيات من عمرها، قادها الحمق الى مدينة أكادير، وحكايتها التي يرويها بعض المشردين ، قصتها بمتابة الشجرة التي تخفي الغابة.
قليل هم الذين لا يعرفون “فاطمة ” المرأة الخمسينية التي قضت شتاء السنة الماضية بحي الباطوار ، حيث تظل طيلة النهار واقفة وهي تتواجد في وضعيات مخلة يتضايق منها العشرات من المواطنين والمواطنات. وتلحف " فاطمة ” ثيابا رثة تكشف مناطق حساسة من جسدها الذي تنفث منه رائحة كريهة كلما مررت بها. وكلما هم النهار على الرحيل تجدها امام محل لبيع لحوم الدواجن، حيث يسمح لها صاحب المحل التجاري بالجلوس امام بوابة محله مفترشة “الكارطون” وما جادت به محسنة من أغطية بسيطة.
وهناك عدد من الحالات سبق أن عاينت اوضاعها، من مختلين عقليا ومشردين، يفترشون الارض وبعضهم يقتات من القمامة في وضع غير انساني.