فاجعة بقصبة تادلة ، طفلة تفقد جميع أفراد عائلتها بإهمال طبي

إ

لقي ثلاث أفراد من عائلة واحدة ، زوج و زوجة و ابن رضيع في الشهر الخامس من عمره ، مصرعهم واحدا تلو الآخر نهاية الأسبوع الماضي ، ونجاة طفلة واحدة في الحادي عشرة من عمرها ، بالمستشفى العسكري بالرباط بعد إصابتهم بحروق بليغة إثر اندلاع حريق بمنزلهم بأحد الأحياء العشوائية بقصبة تادلة ، جراء انفجار قنينة غاز بين أيدي الزوج الذي كان يحاول إصلاح تسرب غازي واندلاع النيران في محرك آلة التبريد ، التي كان يشغلها الضحية بواسطة قنينة غاز بحكم مقر سكناه المتواجد بحي عشوائي الذي يفتقر لأدنى ظروف العيش الكريم من ماء و كهرباء ، و انتشار النيران داخل المنزل وصولا الى المطبخ حيث كانت الزوجة في صدد تحضير وجبة الإفطار لأفراد عائلتها تحترق بالكامل بينما كان الأب يصارع الموت وجسده ملطخ بالدماء محاولا إخراج أطفالهم خارج المنزل وأبعاد سيارته عن مكان الحريق لتفادي انفجارها ، يقول الصديق الأقرب للزوج ، مضيفا أن القنينة كانت على وشك الانفجار منذ ان احضرها من البقال حيث كان بها تسرب غازي أسفل الرأس النحاسي الأصلي للقنينة قبل أن يزول الرأس و ينتشر الغاز داخل المنزل و على جسد الضحية.

إذ نقلوا مساء يوم السبت 3 يونيو على وجه السرعة وهم صيام إلى المستشفى المحلي مولاي اسماعيل قصبة تادلة ، الذي لم يوليهم أي عناية لضعف الخدمات و قلة الأطر والمعدات الطبية به ،حسب مرافق للضحايا ، إذ قررت الأطر الطبية بقصبة تادلة تحويل المصابين إلى المستشفى الجهوي ببني ملال، على متن سيارة إسعاف واحدة المصابين الأربعة ، هذا الأخير بدوره لم يحمل نفسه عناء إنقاذ العائلة فقرر ارسالهم نحو المستشفى العسكري بالرباط لتلقي العلاجات اللازمة بحكم توفر المستشفى على على قسم خاص بالحالات المصابة بجروح من الدرجة الثالثة ، بعد تدخل من بعض المقربين لاسيما زملاء الزوج في العمل الذي كان يشغل جنديا قيد حياته ، ليتم تحويلهم في حالة جد حرجة نحو مدينة الرباط على متن سيارة لكل مصاب بعدما توصل بهم المستشفى مكدسين في سيارة إسعاف واحدة.

الظروف التي نقل فيها المصابين نحو المراكز الصحية الثلاث و المدة الزمنية التي قضوها على متن سيارة إسعاف من مكان الحريق الى المستشفى المحلي بقصبة تادلة تم الى المستشفى الجهوي ببني ملال وبعدها إلى مدينة الرباط ، التي استغرقت ما يفوق 6 ساعات لبلوغ طاقم طبي قادر على إنقاذ العائلة ، كانت عوامل رئيسية في دخول المصابين مرحلة الخطر بعدما استولت النيران على أحشائهم و لم تعد حروق سطحية مست بالجلد الفوقي فقط ، حسب ما أكده مصدرنا نقلا عن مصدر طبي عاين حالة المصابين ، مؤكدا أن عامل الوقت و الجوع الذي أفقد المصابين قوتهم بسبب الصيام، كان السبب في فقدان السيطرة على الحريق، بعد عامل قضاء الله وقدره، وكان أمل إنقاذ المصابين واردا لو أن المستشفى الجهوي ببني ملال والمستشفى المحلي لقصبة تادلة حولهم نحو الرباط على متن مروحية مباشرة من قصبة تادلة نحو المستشفى العسكري بالرباط ، للتخفيف من معاناتهم من طول المسافة على متن سيارة الإسعاف.

حيث يرقد المصابين بغرف العناية المركزة بالمستشفى العسكري بالرباط لحوالي اسبوع، فوافتهم المنية واحدا تلو الآخر نهاية الأسبوع الماضي،توفي الرضيع تالته الام ثم الاب ، بينما نجت الطفلة سلمى 11 سنة بسبب إصابتها بجروح غير خطيرة نتيجة مغادرتها للمنزل أثناء اندلاع الحريق ، إذ لازالت ترقد بنفس المستشفى في حالة صحية مستحسنة رفقة خالتها ، في انتظار خضوعها لعملية جراحية على رجلها التي أصيبت بثقب بسبب الحرائق.

يشار إلى أن الطفلة سلمى، لم تتوصل لحد الساعة بنبأ وفاة جميع أفراد عائلتها ، و يرجح ان يتم اخبارها عن طريق طبيب نفسي ، فيما يرجح ايضا ان تتكلف المصالح الاجتماعية التابعة للقوات المسلحة الملكية بالطفلة وضمانا لمستقبلها و مساعدتها على التأقلم مع الحياة بدون عائلة.

هذا و قد سبق لنفس العائلة التي تنحدر من مدينة صفرو و تقطن بمدينة قصبة تادلة ، ان فقدت اثنين من أبنائها ، أحدهما أصيب بارتفاع شديد في درجة الحرارة ، طمأنهم الطاقم الطبي بالمستشفى الجهوي ببني ملال عن حالته إلا أنه فارق الحياة بنفس المستشفى والسبب لازال غامضا ، و الثاني أصيب بسرطان في الكلي عجل بوفاته على سن الثانية من عمره بإحدى المصحات بمراكش.

الحادث المأساوي الذي شهد غياب المسؤولين و المنتخبين و الفاعلين الجمعويين بقصبة تادلة لمتابعة الحالات اثناء الاصابة ، او تقديم التعازي لعائلة الضحايا على أضعف الإيمان ، خلف صدمة كبيرة وسط ساكنة المدينة خاصة الوضع الكارثي للمستشفى المحلي لقصبة تادلة الذي تحول إلى وكالة أسفار مرضى ، نحو مستشفى بني ملال ، لافتقاره على الأطر و المعدات الطبية اللازمة لتقديم العلاجات الضرورية للساكنة، مطالبين برفع التهميش عن المدينة وإعادة النظر في الوضع الصحي بها ، مع عدم السماح بمرور فاجعة عائلة الطفلة "سلمى. أ" مرور الكرام و معاقبة جميع الأطراف التي ساهمت في حدوث الكارثة .