حديث العاصمة | هل يتحمل المنتخبون مسؤولية الغلاء ؟
مرت ميزانية الجماعة عن السنة المالية 2025 من القنوات المرسومة في القانون الجماعي ابتداء من المادة 152 إلى المادة 203، وهي وثيقة مالية تدرج فيها عمليات التسيير والتجهيز، وأسندت مأمورية إعدادها ومناقشتها والمصادقة عليها للمنتخبين “السياسيين”، ربما ليوظفوا مهاراتهم السياسية في إبراز هذه الوثيقة كفاعلة خدماتية للرباطيين، والحالة هذه، كان ولا بد من وصفات سياسية واقتصادية واجتماعية وحقوقية تكتنف كل عمليات هذه الوثيقة الصادرة من ممثلي الساكنة، فهل هذه الوصفات الواجب توفرها في الميزانية أخذت بعين الاعتبار؟ هل اللمسة السياسية والنكهة الحقوقية حاضرتان في فقراتها؟ وهل تمت مراعاة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية ؟
وكما نعرف، فالمجلس الجماعي قسم إداري لتدبير هذه الشؤون ولجنة من سياسيين تؤطر وتوجه هذا القسم، وخلال مناقشة القانون المالي للجماعة في دورة أكتوبر الماضية، لم يطرح للمداولة أسباب معضلة الأسعار المرتفعة في كل المواد الاستهلاكية، من خضر وفواكه ولحوم وأسماك وقطاني وتوابل، وغيرها، وهي مواد تحدد أثمانها من أسواق الجملة الجماعية ولحد الساعة توفر للميزانية حوالي 4 ملايير سنتيم.
لن ندقق في تفاصيل هذا المبلغ والجهة الثانية التي “تجني” حقها وبالقانون من موارد الرسوم التي في الواقع وإن كانت على عاتق التجار الكبار، فإنها لا تكون من جيوبهم ولكن يتحملها المستهلكون بإضافتها من هؤلاء التجار الكبار إلى أثمنة البيع جملة وتقسيطا، وتضخمها بشكل فج باقي نفقات الوسطاء على درجات متباينة ومصاريف وصولها إلى المستهلكين وتسويقها في الدكاكين المقيدة بأداء وواجبات أخرى، تتعدى أصابع اليد إلى ممثلي هؤلاء المستهلكين، وتحملات فواتير استهلاك الماء والكهرباء وهما من القطاعات الجماعية، ومرة أخرى، كل تلك المصاريف يتحملها الرباطيون وهي مندسة في الأسعار بصفة تلقائية، كما يحدد التاجر هامشه في الأرباح، وهو تعامل مشروع ومستحق على أتعابه الجسيمة ليوفر وعن قرب حاجياتهم، لكن غير المستحق وغير المقبول، أن “يعاقب” الرباطيون بأداء قروض رهيبة لتصب في صندوق من كان عليهم سن سياسة اقتصادية واجتماعية وحقوقية تكون في خدمة الرباطيين وتتجاوب مع معاناتهم مع التضخم، وإن كان عالميا، فإنه يمكن كبحه كما كبحته عدة بلديات في فرنسا مثلا، التي صارت خضرها وفواكهها وأسماكها (قوت مواطنيها) أرخص بكثير من البلد المنتج وأكثرها من بلدنا، وكان الرباطيون ولا زالوا يتساءلون عن السر في ذلك
وليس صحيحا أن المصدرين المغاربة تنازلوا وخفضوا الأثمنة المعتادة، ولكن تدخل مجالسهم البلدية بسياسة تجميد الضرائب وتخفيف الرسوم، ومراجعة تكلفة المصاريف الأخرى، ففضلت تلك البلدية المس بامتيازات منتخبيها في الكماليات غير القانونية على أن تساهم في مجاعة ناخبيها، وبما أن منتخبينا مرروا الميزانية بكل علاتها، فالأمل معقود على السلطات التي تحظى بثقة الرباطيين، لفعل ما فعلته مجالس بلديات فرنسا.