تخليق المرفق العمومي والحاجة إلى النخبة المجتمعية المواطنة الخلاقة
من الطبيعي، أن نسلم بعقم الإدارة العمومية وطابعها البروقراطي المتخلف، وأن لا ننتظر منها أي تطور أو تحسن في خدماتها لفائدة المواطنين في جميع القطاعات، وأن نربط تغييراتها نحو الأفضل والأرقى من خلال حقنها وتحصينها بالجينات المجتمعية المواطنة والخلاقة .. فالإدارة العمومية تبقى على حالها إذا لم تعرف أنها مطالبة بالحكامة والإبداع في المهام التي تقوم بها عبر التأهيل المستمر، وفتح آفاق ارتقائها المهني في مجالات تخصصها، ولن يكون بالإمكان تحقيق وظائفها بدون الحوافز و وسائل التشجيع التي تجعلها مخلصة في أدائها اتجاه المواطنين، وبدون الإصلاح الدائم لقوانين عملها حتى تكون في مستوى تطلعات المواطنين الذين ينتظرون خدماتها.
حينما نتحدث عن التخليق في الإدارة العمومية، فإننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، نعني بذلك سيادة القانون واحترامه من قبل موظفي هذه الإدارة العمومية، وممارسة مهامهم تحت إشراف الإدارة الواعية بمسؤوليتها، وبما يساعد على الارتقاء بخدماتها وشعور هؤلاء الموظفين بالرضى الوظيفي، والرغبة في تطوير وتحسين جودة الخدمات التي يقدمونها للمواطنين في المرفق العمومي، و وجود هذه الرؤيا والروح المجددة والمجتهدة في كل هياكل هذه الإدارة العمومية من الوزارة حتى أصغر إدارة يقصدها المواطن المفربي من أجل هذه الخدمة العمومية، وخضوع نشاطها للمراقبة والتتبع من الأجهزة المعنية بذلك مركزيا وجهويا وجماعيا، ومتابعة المواطنين لذلك عبر مشاركتهم في أجهزة المراقبة المنتخبة والبرلمانية.
طبعا، تحقيق الجودة والتخليق في المرفق العمومي في الدول العصرية المدنية الديمقراطية تم عبر النخبة المجتمعية المواطنة والخلاقة والمؤهلة من قبل الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني التي تشكل المدارس المواطنة التي تؤهل المواطنين لتحمل مسؤولياتهم في هذه الإدارة العمومية المعنية بالخدمات التي يحتاجون منها، وهذه النخبة المؤطرة في الأحزاب المواطنة والخلاقة والمؤهلة تقتضي امتلاك هذه الهيئات الحزبية والنقابية والمدنية إلى الوسائل والمعرفة والمنهجية والخبرة التي تسمح لها بالقيام بهذه المهام التأطيرية والتأهيلية للنخبة المجتمعية المواطنة والخلاقة .. ونظن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن جلالة الملك في تشخيصه الموضوعي للواقع الذي توجد عليه خدمات هذه الإدارة العمومية قد وقف على ما يحول دون تطور مهامها، انطلاقا من هذه الخلفية التي تربط تطور خدمات الإدارة العمومية بوجود النخبة المواطنة الخلاقة التي تهيؤها الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني.
يبقى في نظرنا المتواضع في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، العناية بالحاجة الماسة إلى النخبة المواطنة الخلاقة التي تؤهلها الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني في إطار الدولة المدنية والديمقراطية الحديثة التي أصبحنا نمتلك الوعي بها، ونحاول ترجمة وجودها في مناخ واقعنا المغربي السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي المحتاج إلى تفعيل هذا التخليق للمرفق العمومي، الذي يقدم كل الخدمات العمومية للمواطنين في جميع المجالات.