هل أخل بان كي مون بمهنته وحياده؟

هل أخل بان كي مون بمهنته وحياده؟
تصريحات الأمين العام الأممي بان كي مون المثيرة للجدل حول قضيتنا العادلة المتعلقة بصحرائنا المغربية، تصريحات وصفتها الحكومة المغربية بالمخالفة للاعراف الدولية لاسيما وأنها صدرت عن شخص يعتبر أعلى مسؤول في الأمم المتحدة….فهل بهذه التصريحات يحق القول بأن بان كي مون قد أخل بمهنته و حيادته لمنع قيام أي أزمات أو معارك يمكن أن تشكل خطر على السلم و الأمن الدولي؟؟؟ لاسيما وأن القانون يحتم عليه أن يكون محايدا أكثر ما يمكن، ولهذا دائما ما يكون الأمين العام للأمم المتحدة لا يحمل جنسية إحدى الدول الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن.

 

فمنذ أن وطأت قدما المغرب صحراءه، منذ ذلك الحين وأعداء وحدتنا الترابية يعيشون صراعا نفسيا خطيرا، وحقدا دفينا اتجاه بلد يسير بخطى ثابتة بقيادة ملوك علويين شرفاء نحو الازدهار والتطور بدون لا عائدات بترول ولا غاز، الأمر الذي وضع الأعداء في خانة التهميش والاقصاء وباتوا يصارعون الزمن من أجل التشويش على السياسة الحكيمة للملك الشاب محمد السادس نصره الله، التي نهج سياسة الانفتاح على العالم الخارجي بوأت المغرب مكانة عالمية كانت محطة احترام وتقدير لدى المنتظم الدولي.

فمنذ أن استرجع المغرب صحراءه، منذ ذلك الحين قاد أزلام ما يعرف بالبوليساريو تمردا مدعومين من الجارة الشرقية، مما عجل بدخول الأمم المتحدة على الخط  بغية التوصل لتسوية دائمة لهذا النزاع المفتعل "مادام المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها"، فكانت مبادرة المغرب الحكيمة التي طالب من خلالها بوضع حد لمأساة اخواننا الصحراويين المحتجزين في تندوف من خلال تمتيع ابالحكم الذاتي، إلا أن أيادي الغدر لازالت تعرقل هذه المساعي  خدمة لأجندات خارجية لاتريد لهذه الفئة المحتجزة ان تعيش تحت سماء المغرب الصافية وجوه الدافئ المنعم بالسلم والاستقرار والامن في الوقت الذي تعيش فيه بلدان مجاورة حالة من الاضطرابات والفوضى العارمة.

فزيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون التي قام بها منذ ايام للصحراء المغربية والتي وصفتها الحكومة المغربية بانها زيارة ينعدم فيها عنصر الحياد والموضوعية، قد خلفت ردود أفعال متابينة داخل الأوساط الوطنية والدولية، لاسيما وأنها تضمنت تصريحات من الأمين العام الذي كان من المفروض عليه أن يقف على مسافة واحدة من كل الأطراف المتداخلة في هذا الموضوع، وينأى بنفسه، إلا أنه أبدى مرونة وتساهل مع دولة وهمية تفتقد لكل  المقومات، بدون تراب ولا ساكنة ولا علم معترف به.

ذلك ما عبرت عنه حكومة المملكة المغربية التي احتجت بقوة  على تصريحات بان كي مون، مسجلة باندهاش كبير "الانزلاقات اللفظية  وفرض الامر الواقع والمحاباة غير المبررة للأمين العام الأممي خلال زيارته الأخيرة للمنطقة".واصفة تصريحاته بالغير الملائمة سياسيا،  وبالغير المسبوقة في تاريخ أسلافه ومخالفة لقرارات مجلس الأمن، كما انها مسيئة وتمس  بمشاعر الشعب المغربي قاطبة.

 فهل استسلم بان كي مون لابتزاز الأطراف الأخرى المعادية لوحدتنا الترابية من خلال استعماله عبارة "احتلال" تقول الحكومة المغربية؟؟؟ وبالتالي سمح لنفسه أن يستغل لإضفاء مصداقية على المزاعم  المغلوطة للأطراف الأخر؟؟ ضاربا عرض الحائط بمصداقية الأمانة العامة للأمم  المتحدة وحيادتها في فض النزاعات، وغاضا الطرف على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف بالجزائر، بما  فيها حالات النساء الصحراويات الثلاث المحتجزات منذ أزيد من سنة، والتي عرضت عليه  بشكل منتظم سواء من قبل الضحايا أنفسهم أو من طرف المنظمات الدولية لحقوق الإنسان.
 
وأخيرا "فإن حكومة المملكة المغربية تأسف لأنه في الوقت الذي يعتزم فيه الأمين  العام تنظيم مؤتمر لمانحي المساعدات الإنسانية للمحتجزين في مخيمات تندوف، فإنه لم  يتطرق قط خلال هذه الزيارة لقضيتين بالغتي الأهمية".
 
وتتمثل القضية الأولى في ضرورة إجراء إحصاء لهاته الساكنة والذي دعا إليه  الأمين العام بنفسه في العديد من تقاريره ويفرضه القانون الإنساني الدولي كما جميع قرارات مجلس الأمن منذ 2011.
  
وتهم القضية الثانية، الاختلاس المؤكد، ومنذ أربعة عقود، للمساعدات الإنسانية  الموجهة لساكنة المخيمات والذي أكدته تقارير المفوضية السامية للاجئين وبرنامج  الغذاء العالمي ومكتب محاربة الغش بالاتحاد الأوروبي.
  
وخلص بلاغ الحكومة المغربية إلى أن كل هذه التجاوزات، وهي أبعد ما يكون عن تحقيق الهدف الذي  أعلنه الأمين العام خلال هذه الزيارة والمتمثل في إحياء المفاوضات السياسية، تهدد  بتقويض هذه المفاوضات على بعد بضعة أشهر من انتهاء ولايته.

وعلى هذا فإن الأمين العام للأمم المتحدة يعمل بوصفه متحدثا باسم المجتمع الدولي وخادما للدول الأعضاء، لذا يجب عليه أن يستخدم مكانته هذه وحياده – اللذين يترجمان إلى ما يطلق عليه "مساعيه الحميدة" – لصالح "الدبلوماسية الوقائية" والعمل على ضمان السلم والأمن الدوليين من خلال منع نشوء المنازعات الدولية أو تصاعدها أو انتشارها.