يرى مغاربة العالم أن العلاقات المبنية على الاحترام بين المغرب والاتحاد الأوروبي تضفي مزيدا من الاهتمام بأوضاع حقوق الإنسان في المغرب، وهو ما شكل موضوع حوار بين رئيس معهد لاهاي الدولي لحقوق الإنسان ورئيس تحرير مجلة شؤون حقوقية، خلال هذا اللقاء هيمنت جملة من الأسئلة، حيت يرى الفاعل الحقوقي محمد زياد كاتب عام المنظمة الأوربية للدفاع عن حقوق الانسان ورئيس معهد لاهاي الدولي لحقوق الإنسان، أن كل المؤشرات تدل على أن مسلسل الإصلاحات بالمغرب يسير في الاتجاه الصحيح، مشيدا بالدستور المغربي الذي جاء بتعديلات هامة خاصة في ما يتعلق بالمساواة بين الجنسين وفي مجال حقوق الإنسان، مشددا على أن أوروبا قطعت أشواطا طويلة لتحقيق هذه المعادلة، غير أن بعض القضايا المتعلقة بالنساء مازالت في حاجة إلى معالجة خاصة بالنسبة لزواج القاصرات، إضافة إلى أن الوضع، حسب ما تتناقله التقارير الصحفية الدولية، في الصحراء الغربية خاصة في مجال حقوق الانسان وحرية الرأي يشوش على المجهودات التي تقوم بها المملكة المغربية.
وبشهادة مجموعة من الحقوقيين الدوليين بما فيهم أعداء الوحدة الترابية، المغرب عزز دولة الحق والقانون والمؤسسات، ضمنها تسوية ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي تعتبر الأكثر جرأة بالاضافة إلى إصلاحات هيكلية أخرى، كل هذه الخطوات جاءت في نظر رئيس معهد لاهاي الدولي لحقوق الانسان سابقة عن ما يسمى بالربيع العربي، وشكلت أرضية لتعديل الدستور الذي أفرد ثلث مواده لحقوق الانسان والتعددية الثقافية، بل لم يكتفي الدستور الجديد بالمساواة بين الجنسين فقط، بل أقر مبدأ المناصفة…
وحول مدى تأثير حركة 20 فبراير، وجماعة العدل والاحسان ومالي وغيرها على أوضاع حقوق الإنسان في المغرب، وكسرها للعديد من التابوهات مما أدى إلى اتساع مساحة حرية التعبير، وقد ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في توثيق خروقات حقوق الإنسان، مما أدى إلى تقوية معارضة الشارع وجمعيات المجتمع المدني المهتمة بالمجال الحقوقي.
وأضاف ينبغي الانكباب على قضايا حرية الرأي والصحافة والحالة المزرية التي تعرفها سجون المملكة بطريقة نقدية، ولابد أيضا من طرح النقاش حول العنف الممارس ضد كل التظاهرات، صحيح أن حق الاحتجاج السلمي مضمون دستوريا وقانونيا، كما أن التظاهر في المغرب لا يتطلب ترخيصا بل فقط إعلان لإخبار السلطات، ويجب القول في هذا الصدد أن أغلب التظاهرات في المغرب لا تحترم المسطرة القانونية، ويبقى التحدي المطروح أمام الدولة المغربية هو تنمية الوعي بتطبيق المسطرة القانونية البحتة، مما يعني قدرة المتظاهرين على تطبيق القانون وتقوية النقاش مع السلطات العمومية على المستوى المحلي وليس على المستوى المركزي فقط لتفريق التظاهرات في إطار احترام كامل للقانون.
أما في ما يخص الانتقادات والاستنتاج الخاص بالصحراء الغربية، فجل الانتهاكات التي توصلت بها المنظمة أو المعهد تهم شكايات للمسجونين وتبقى نفس الشكايات التي نتوصل بها من باقي سجون المملكة، لقد كنت دائما ومن خلال الاجتماعات الدورية للمنظمة أطالب باعتماد الطريقة الحقوقية الصحيحة وذلك بالابتعاد عن التعميم والحديث على حالات بعينها، ويجب الاقرار بأن المعركة من أجل حقوق الإنسان معركة طويلة الأمد ومستمرة، وأعتقد أنه الأساس هو التربية على ثقافة حقوق الإنسان عند الجميع، وهذا هو رهان المغرب الحقيقي.
فالاصلاحات التي أدخلها الملك محمد السادس، كانت محط اهتمام المنظمة والمعهد ومجموعة كبيرة من الاعلاميين المهتمين بموضوع حقوق الإنسان في المغرب، حيت استنتج هؤلاء خلال زياراتهم للمغرب ولقاءاتهم المكثفة مع مسؤولين مغاربة وجمعيات حقوقية أن هناك استعدادا كبيرا من طرف المغرب للمضي في مسلسل الإصلاح، ونظرا لأن كل المنظمات الدولية لحقوق الإنسان لها فروع في المغرب، ارتأى أعضاء معهد لاهاي الدولي لحقوق الإنسان فتح مكتبا في الرباط من أجل المساهمة في تنزيل مقتضيات الدستور، ونحن جد ممتنون لأن المغرب يتفاعل بشكل إيجابي مع الخبرات الدولية ويسطر شراكات في مجال التكوين، أما فيما يخص المعهد، فإنه يهتم في الوقت الراهن بمسلسل الإصلاح، ويعمل معهد لاهاي الدولي لحقوق الإنسان على مساعدة جمعيات المجتمع المدني على المساهمة في هذا المسلسل ونقل مخاوفها وتوجساتها إلى المؤسسات الجديدة.