كتبيون يشتكون الغلاء .. والجشع يدفع ناشرين إلى التلاعب بالمخزون القديم

كتبيون يشتكون الغلاء .. والجشع يدفع ناشرين إلى التلاعب بالمخزون القديم

يتواصل الغلاء في مختلف القطاعات المرتبطة بمعيشة المغاربة بسبب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية والاضطرابات في سلاسل الإمداد، وتداعيات جائحة “كوفيد 19″، لتشمل موجة الغلاء هذه الأيام الكتب واللوازم المدرسية.

فكيف تعاملت الحكومة المغربية مع هذا الغلاء؟ وبأي طريقة تم التحايل على الدعم الحكومي؟ وإلى أي حد يمكن محاربة الاحتكار بمناسبة الدخول المدرسي؟ وهل يمكن الحديث عن النتائج الإيجابية للإغلاق الباب أمام الطبع خارج المغرب؟

أسامة الوافي، عضو جمعية الكتبيين بالمغرب، أكد أن الاتفاق بين الناشرين والحكومة المغربية، بخصوص دعم الكتب المنهجية المدرسية، بمناسبة الدخول المدرسي الحالي من أجل منع الزيادة في أسعارها جاء متأخرا؛ ما انعكس سلبا على طبعها، لأن الطباعة تقرر أن تكون بالمغرب بدل الدول الأوروبية كما جرت به العادة سابقا، حيث كان الطبع يتم بشكل مبكر وبجودة عالية.

وفي لقاء مع هسبريس، أوضح الوافي “أن قرار طبع الكتب بالمغرب كان له انعكاس سلبي يتمثل في ندرة الكتب المدرسية؛ ما دفع الناشر إلى اعتماد طرق لا تلبي حاجة السوق”، مضيفا: “خلال السنة الحالية، لم يطرأ أي تغيير على الأثمنة المعتمدة في المناهج المدرسية لوزارة التربية الوطنية، مع تسجيل استثناءات لبعض الناشرين الذين تتسم تجارتهم بروح المواطنة. أما الكتب الموازية والمستوردة، فإنها تعرف زيادات بنسب متفاوتة غير مفسرة”.

وأورد المتحدث نفسه أن الجشع قد بلغ ببعض الناشرين حد تغيير أثمنة المخزون القديم من الكتب المدرسية الموازية أو المستوردة، مؤكدا أن الكتبيين يشتكون من التغييرات الفجائية للطبعات ورفض إرجاع الكتب المتجاوزة وبيع الكتب المدرسية بالمدارس الخاصة. أما كتب التمهيدي الأول والثاني والمستوى الإعدادي فلم تسلم من التلاعب وتعدد العناوين غير المصادق عليها، والتي بلغت حسب علمي حوالي 39، وفق تعبير أسامة الوافي.

ولم يخرج تصريح حسن السطوطي لهسبريس عن الهم المشترك للكتبيين، والذي فرض عليهم بسبب الارتفاع المهول للوازم المدرسية؛ ما يجعلهم أمام فوهة بركان، لأن هذه الفئة هي الحلقة الضعيفة التي تعلق عليها شماعة الأمهات والآباء الذين يرددون بدون وعي أن الحكومة دعمت الدخول المدرسي، ولا علم لهم بأن الدعم شمل بعض الكتب المدرسية. أما ما دون ذلك فيشكل مجالا شبهه بالبورصة، بالإضافة إلى عدم تغطية السوق الوطنية بسبب غياب السلع المستوردة”، على حد قوله.

وتابع السطوطي، الذي يشغل كاتبا عاما لجمعية كتبي المنارة مراكش، قائلا: “جودة الدفتر الذي طبع بالمغرب لا ترقى إلى انتظارات المواطن المغربي، وزد على ذلك ندرتها بسبب الاحتكار والبيع المشروط؛ ما أثر سلبا على الأثمنة التي ارتفعت بشكل صاروخي”. وبخصوص المحفظة، “فهي تصنع بشكل أقل ما يقال عنه أنه بدئي، ولا ترقى إلى مستوى المحفظة الأوروبية والأمريكية والصينية التي تتميز بجودة عالية، ورغم ذلك فثمنها مرتفع”.

معاناة أخرى تنهك وتنخر كيان الكتبي دون مبالاة المسؤولين، يعرضها هذا الكاتب العام، وهي مشكلة كثرة العناوين وتعدد الطبعات، فلا أحد يدري ما الغاية من هذا التعدد للعناوين في مادة واحدة وفي مستوى واحد؟ مضيفا: “لا معنى لذلك تربويا وبيداغوجيا، لأنها مؤامرة مبيتة”، حسب المتحدث نفسه، الذي أشار إلى أن الآباء والأمهات يعانون أشد المعاناة؛ والكتبي هو الحلقة البينية. أما التلميذ (ة)، كهدف أسمى، فلا أظن هؤلاء العابثين يضعونه في الحسبان”، وفق تعبير السطوطي.

وعن هذا مشكل غلاء الكتب واللوازم المدرسية، قال عبد الصادق لفراوي، رئيس الجمعية المغربية لحماية وتوجيه المستهلك بجهة مراكش- آسفي، في تصريح لهسبريس: “هناك ارتفاع في أثمانها باستثناء البرامج المدرسية المقررة، بنسب متفاوتة تتراوح بين 25 في المائة إلى 100 في المائة. وهذا المشكل عايناه خلال جولة للتبع لأننا كنا ننتظر هذه الزيادات الصاروخية في الأثمان، الشيء الذي لا يمكن قبوله، إذ لا بد من وضع صيغة قانونية لمراقبة الشركات المعنية بطبع الكتب واللوازم المدرسية وإنتاج المحفظات”.

وأضاف لفراوي: “أضحى الرفع من الأثمان يخضع للمزاجية، فكل واحد يضيف ما يحلو له من الدراهم، ما يشكل ضربا لدولة القانون، وهذا لن نقبله كجمعية ولن نصمت ونحن نرى حقوق المستهلك تهضم في جميع المجالات الاستهلاكية”، مشيرا إلى أن “حماية حقوق المستهلك الاقتصادية لم تعد سوى حبر على ورق، لأننا لم نعد نرى التدخل الزجري للسلطات المعنية، ولا نعرف متى ستقوم الحكومة بإخراج النصوص القانونية التي تحمي المواطن المغربي حماية كاملة”.

وتابع هذا الفاعل الجمعوي مطالبا بـ”ضرورة التفكير في قانون جديد؛ لأن القانون 61.08 القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك قد أصبح متجاوزا ووجب تحيينه وإخراج نصوص تشريعية أخرى تحمي المواطن من جشع الشركات والتجار وذوي النفوذ”، على حد تعبير عبد الصادق لفراوي.