قال خبير اقتصادي، إن “الدولة تلجأ إلى حل مشاكلها عن طريق الضرائب
قررت الحكومة تعزيز “آليات التضامن” في مشروع قانون مالية 2023، سعياً منها إلى تمويل الأوراش الاجتماعية والتنموية المرتقبة في البلاد، من خلال الرفع التدريجي من نسبة مساهمة الشركات الكبرى، مع إعادة اعتماد ضريبة المساهمة الاجتماعية للتضامن على الأرباح والدخول برسم السنوات الثلاث القادمة.
وستصبح الضريبة على الشركات في حدود 20 في المائة بالنسبة للشركات التي تحقق أرباحاً أقل من 100 مليون درهم، بما فيها الحاصلة على صفة القطب المالي للدار البيضاء، والمتواجدة في مناطق التسريع الصناعي.
وبالنسبة للشركات التي تحقق أرباحاً تعادل أو تفوق 100 مليون درهم فستؤدي ضريبة بنحو 35 في المائة، في حين ستصل النسبة إلى 40 في المائة بالنسبة للبنوك وشركات التأمين وبنك المغرب وصندوق الإيداع والتدبير.
وحول ذلك، قال رشيد ساري، خبير اقتصادي، إن “الدولة تلجأ إلى حل مشاكلها عن طريق الضرائب أو الاستدانة فقط، وهو ما يطرح مشاكل حقيقية في التدبير المالي”، مبرزاً أن “الضرائب من شأنها أن تثقل كاهل المقاولات الكبرى المتضررة بدورها من تبعات الجائحة والركود الاقتصادي العالمي”.
وأضاف ساري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الحكومة تحدثت مرارا وتكرارا عن التمويلات المبتكرة، لكنها لم تكشف بصفة رسمية عن مقدارها، وكذا نتائجها”، لافتا إلى أن “الشركات لن تحقق الأرباح نفسها التي تميزت بها سنوات ما قبل الجائحة، بل حتى ما قبل اندلاع الأزمة الأوكرانية”.
وواصل الخبير عينه بأن “التضريب ليس الحل الأمثل للأزمة الاقتصادية، بل ينبغي تعزيز التمويلات المبتكرة”، مشددا على أن “المقاولات الكبرى تؤدي أزيد من 95 في المائة من العائدات الضريبية”، ومعتبرا أن “زيادة الضرائب من شأنها دفع المستثمرين الأجانب إلى التفكير مليا قبل افتتاح مشاريع جديدة”.
ويرى المتحدث ذاته أن “الحكومة تتأخر في تنفيذ المشاريع المقررة، ما يساهم في الركود الاقتصادي، وبالتالي عرقلة الاستثمارات”، وزاد شارحا: “السجل الاجتماعي الموحد لم تنته منه الحكومة رغم مضي ثلاث سنوات عليه، إلى جانب عدم تطبيق قانون الإصلاح الضريبي وإصلاح المؤسسات العمومية”.
من جانبه، أبرز محمد جدري، خبير اقتصادي، أن “السياق الاقتصادي الوطني متأزم بفعل تداعيات الأزمة الأوكرانية، ما فرض على الحكومة اتخاذ تدابير استثنائية لاستعادة الهوامش المالية التي تراهن عليها لتمويل المشاريع الاجتماعية والتنموية الواردة في نموذج التنمية الجديد”.
ولفت جدري، ضمن إفادته، إلى أن “التحملات الدولية قدرتها الحكومة بـ600 مليار درهم في مشروع قانون المالية الجديد، وهو ما يستدعي ضرورة رفع الضرائب لتحمل تلك النفقات”، مؤكدا أن “قرار رفع الضرائب سلاح ذو حدين على الاقتصاد الوطني”.
وتابع المتحدث بأن “تأدية الشركات الكبرى الضرائب ستفيد الاقتصاد المتضرر من الأزمة الدولية، لكنها ستثير قلق تلك الشركات التي تعاني بدورها من تبعات الأزمة نفسها، ما سيدفعها إلى القيام بممارسات أخرى لتفادي ذلك القرار، من خلال نهج سياسة التجنب الضريبي”، لافتا إلى أن “الحكومة لم تستفد من المحروقات بعد صدور تقرير مجلس المنافسة الذي أقرّ بمضاعفة الأرباح”.