عبد النباوي: تكوين المجلس للقضاة خطوة رائدة

عبد النباوي: تكوين المجلس للقضاة خطوة رائدة

قال محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إن “خيار إسناد مهام الإشراف على تكوين القضاة إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية لم يكن وليد الصدفة، وليس خيارا اعتباطيا؛ ولكنه جاء نتيجة حوار جاد ورصين وتفكير طويل ومتبصر، انتهت إليه توصيات الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة خلال سنتي 2012 و2013، باعتباره مظهرا من مظاهر استقلال السلطة القضائية وعنصرا ضروريا لتأهيل الأطر القضائية”.

وأوضح عبد النباوي، في كلمة ألقاها بمناسبة حفل تسليم السلط بشأن المعهد العالي للقضاء، الاثنين، أن “لقاء اليوم يعتبر محطة تاريخية أخرى في مسار دعم استقلال السلطة القضائية بالمغرب، تتمثل في الإشراف المباشر لهذه السلطة على مؤسسة تكوين القضاة؛ وهي بلا شك لبنَة مهمة في صرح القضاء المستقل، تتم بإرادة الملك محمد السادس، وبمساهمة الحكومة والبرلمان”.

وأشار المسؤول القضائي إلى أن “تسليم السلط على المعهد العالي للقضاء من وزير العدل إلى الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ليس مجرد إجراء شكلي؛ ولكنه قرار سياسي عظيم، أرادت به الدولة المغربية دعم أسس استقلال القضاء وتمكين السلطة القضائية الناشئة من الأدوات الضرورية لإنجاح الإصلاح العميق والشامل للقضاء، الذي يقوده الملك رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئيس الدولة بحكمة وأناة وتبصر”.

وجاء في الكلمة ذاتها أن “مساهمة الحكومة والبرلمان في تحقيق هذه الخطوة الرائدة تدعو إلى تقديم الشكر والامتنان للحكومة في شخص وزير العدل، الذي اتخذ المبادرة لتقديم مشروع القانون وواكب سيره في مختلف مراحله، وإلى حين نشره بالجريدة الرسمية؛ وها هو اليوم يشرفنا بتسليم السلط، ويعدنا بمزيد من الدعم.. كما أن الشكر واجب للأمين العام للحكومة والوزير المنتدب المكلف بالميزانية اللذين ساهما بفعالية كبيرة في المسار التشريعي للقانون رقم 37.22 المتعلق بالمعهد”.

وقدم عبد النباوي الشكر والامتنان لرئيسي مجلس النواب ومجلس المستشارين والنواب والمستشارين، وخص بالذكر رئيسيْ لجنتي العدل والتشريع بالمجلسين، الذين “ساهموا في تسريع المصادقة البرلمانية على القانون، وأغنوه بالعديد من التعديلات؛ مما يجعله، على الأقل في هذه المرحلة، نصا قانونيا قادرا على تطوير المسار التكويني للقضاة والرفع من قدراتهم، ويؤهلهم لفض النزاعات والبت في القضايا، بنظرة أعمق تَنْفُذ لروح النصوص القانونية وتستخرج منها نَفَس العدل والإنصاف”.

وقال الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية: “إذا كان استشرافُنا لدور طلائعي سيقوم به المعهد العالي للقضاء في الحاضر والمستقبل يعتبر طموحا مشروعا، وتطلعا قابلا للتحقيق إن شاء الله، بالنظر إلى ما تتوفر عليه السلطة القضائية وإدارة المعهد من كفاءات قادرة على جعل المعهد أداة فاعلة في صُنعِ كفاءات قضائية ناشئة، وصقلِ مواهب قضائية صاعدة، ودَعمِ تجربة قاماتٍ مهنية راسخة، فإن ذلك كله لا يمكن أن يُنْسِينا ما حققه المعهد خلال 61 سنة من وجوده من منجزات تُعد فخرا للقضاء المغربي جعلت منه صرحا قانونيا وحقوقيا مشهودا له بالجدية والتميز على الصعيد الوطني والعربي”.

وأشار عبد النباوي إلى أنه “بالإضافة إلى الرعيل الأول من القضاة الذين تم تكوينهم بمعهد تكوين القضاة بين 1962 و1969، والذين ناهز عددهم 612 قاضيا، فإن المعهد الوطني للدراسات القضائية والمعهد العالي للقضاء قد استطاعا منذ سنة 1975 تكوين 45 فوجا مرقما من الملحقين القضائيين، بالإضافة إلى أفواج أخرى تخرجت قبل الشروع في الترقيم بين 1969 و1974؛ وهو ما رفع عدد القضاة المتخرجين من المعهد إلى أكثر من 7 آلاف قاضٍ، استفادوا من التكوين الأساسي”.

وأكد المسؤول القضائي عينه أن “المجلس الأعلى للسلطة القضائية قرر العزم على أن يجعل من المعهد العالي للقضاء مختبرا لصناعة الجودة والتميز، وأنه لن يدخر أي جهد في ذلك، وهو مؤمن بأن الكفاءات القضائية الوطنية ستكون في الموعد لإعطاء دينامية جديدة للقضاء الوطني تمكنه من كسب رهان الإصلاح الذي يقُوده الملك محمد السادس وتواكب التطور القانوني والحقوقي للمغرب في علاقته بالمنظور العالمي لدَوْر العدالة وأهدافها”.

وأوضح أن “المهام التي أناطها المشرع بالمعهد العالي للقضاء في حلته الحالية، والمتمثلة في التكوين الأساسي والتخصصي والمستمر للقضاة ولفئات المهنيين والموظفين المعينين بالسلك القضائي، والتكوين على الإدارة القضائية، فضلا عن القيام بالدراسات والأبحاث والنشر في مختلف الميادين القانونية والقضائية، والتي يمكن أن يستفيد منها كذلك قضاة أو مستمعو العدالة الأجانب، هي مهام تستوعب حاجيات التأهيل القضائي وتنمية القدرات ودعم المهارات المهنية”.

وقال الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية: “ينتظرنا عمل تأسيسي إضافي، سنعمل في مجلس الإدارة بتعاون مع السلطة التنفيذية لتحقيقه في أقصر الآجال إن شاء الله، يقتضي وضع النصوص التنظيمية المرتبطة بالقانون رقم 37.22، وكذلك المقررات اللازمة لوضع التنظيم الهيكلي للمعهد، ولِجَانِهِ، ومنظومة التكوين، فضلا عن الاهتمام بوضعيات الملحقين القضائيين وهيئات التدريس، ودعم المنظومة الأخلاقية، وتعهد بناية المعهد”.