سياسة التعمير في المغرب تعاونية الأملال السكنية الحي الحسني نموذجا
عبد المجيد مصلح
إن الاهتمام الكبير والمتزايد الذي يعرفه قطاع التعمير والسياسة السكنية بصفة خاصة بجهة الدارالبيضاء سطات، جعل الكثير من المتتبعين وعلى اختلاف تخصصاتهم الاقتصادية والمالية، يولون الأهمية القصوى لمعرفة الأسباب الحقيقية للمشاكل التي يعرفها القطاع حتى يتسنى لهم في نهاية المطاف الخروج بالاقتراحات الكافية لمعالجة كل المشاكل التي يعرفها هذا القطاع، ولأن المفهوم البسيط للمسكن و الذي يتألف عادة من الجدران و السقف، يبقى بعيدا كل البعد عن المفهوم الحقيقي و الشامل له، لأن السكن الذي يتطلع إليه المغربي حتى يعيش فيه بكل راحة و استقرار، هو ذلك الحيز المكاني الذي يتجسد من خلال الخدمات المساعدة و التسهيلات التي يقدمها المجتمع للفرد، باعتباره كائن يسعى إلى تحقيق المزيد من الرفاهية والتنمية في جميع مجالات الحياة، هذا المجال وجد فيه العديد من الموظفين مجالا واسعا للاستثمار لأنه يدري دخلا منتظما وعليه أصبح أداة تنمية اقتصادية ينبغي النظر إليه بوصفه مكملا للقطاعات الأخرى، في حين يعتبره (السكن) ذوي الدخل المتوسط البذرة الأساسية لتميزه بخصائص اقتصادية واجتماعية حيث يسمح لهم بحجز بقعة أو شقة حسب القدرة الشرائية، شأنه شأن الغذاء وجميع متطلبات الحياة، و مما تجدر الإشارة إليه، أن للسكن خاصية مزدوجة، حيث أنه يمثل استثمار مكلف و في نفس الوقت سلعة استهلاكية دائمة.
إذا كانت مجموعة من الظواهر الخطيرة التي عرفها الشارع المغربي قد استنفرت المسؤولين بوزارة الداخلية وبأمر من الملك محمد السادس، فإن هناك آفة خطيرة تسمى(الوداديات والتعاونيات السكنية) التي أصبحت تمارس كل أنواع النصب والاحتيال على المغاربة بشكل جماعي ويكون ضحاياها أحيانا بالمئات وتكون المبالغ المالية المستنزفة بالملايير ضحايا ما اتجهوا إلى الوداديات والتعاونيات إلا لأنهم في وضعية مالية جد متواضعة يصبون إلى الحصول على منتوج عقاري بتكلفة نسبيا منخفضة وبأداء مقسط لكن بالمقابل هناك لصوص محترفين يستغلون وضعية الناس و غياب الرقابة وتفشي الرشوة في دهاليز الإدارة المغربية مع العلم أن رئيس الحكومة ومنذ اعتلاءه هذا المنصبرفع شعار محاربة الفساد والمفسدين (تماسيح وعفاريت مقالع الرمال والصيد…إلخ).
كان على السيد عبدالاله بنكيران عند توليه منصب رئيس الحكومة أن يبدأ بمحاربة أشخاص لا هم تماسيح ولا عفاريت، إنهم رؤساء الوداديات والتعاونيات السكنية هذه الشريحة من المجتمع وجدت من يقوم بحمايتها والغريب من جهات يترأسها وزير محسوب على حزبه وإذا قمنا بعملية بحت بسيطة في ملفات الوداديات والتعاونيات السكنية الموضوعة لدى القضاء سنجد أن التعامل معها يكون بطيء جدا، وفي غالب الأحيان يتم حفظ شكاياتهم (…).
يقول السيد خالد سائر، أن حظه التعيس وضعه في يد أشخاص احترفوا كل أنواع التماطل والكذب والخداع والتزوير، فبعد أن فاحت رائحتهم عمدوا إلى محاولة طرد عدد كبير من المنخرطين بعد سنوات طوال من التضحية لا لشيء إلا لأننا طالبنا المكتب المسير بالكشف عن أبسط المعلومات الخاصة بالمشروع حتى أننا لجأنا إلى القضاء للحصول على هذه الوثائق ولكن وعوض الحصول على الوثائق حصلنا على قرار إلغاء العضوية بالرغم من أننا قمنا بتسديد 195000 درهم وذلك منذ أزيد من 20 سنة، لقد جمعتُ ما جمعت واقترضتُ من عائلتي وانخرطت في التعاونية السكنية "الأمل" الحي الحسني، لكني اكتشفت أن رئيس التعاونية مصطفى الشفاعة وأعضاء المكتب المسير غير واضحين وعدد المنخرطين غير معروف ومقر التعاونية غير معلوم كل ما هناك جموع عامة صورية تتم على سنوات متباعدة لتبرير محاضر مزورة لا علاقة لها بالواقع من اعتذارات عن تأخير المشروع مستغلا المكتب المزور عدم تمكن المنخرطين التعرف فيما بينهم من أجل التكتل حصيلة تضحية كل هذه السنوات وهناك جهات نافدة دخلت على الخط وتمكنت من الحصول على الانخراط، ويبقى الأمر الوحيد الذي يبقى مهما بين ما ينص عليه القانون الأساسي و ما جرى به العمل و العرف هو استفادة أعضاء المكتب المسير و الذي يتحمل مسؤولية ثقيلة جدا حسب رأيهم، فكيف يمكن تقدير هذه الاستفادة إذن إن تطلب الأمر تقديرها؟
أم تكون اتفاقا مدرجا في القانون الداخلي المصادق عليه من قبل الجمع العام التأسيسي؟
وأخيرا ما حكم الشرع في تلك الاستفادة رغم هذه القوانين و المقررات التنظيمية، فهل حقا هناك تكافؤ بين الاستفادة و الجهد المبذول أم هي مجرد استغلال لأموال الناس بالباطل؟
عندما تغيب مراقبة الدولة نهائيا فالوداديات والتعاونيات السكنية هي الوحيدة التي لا تخضع لأية رقابة فإذا كانت تبقى خارج نطاق المراقبة بصفة نهائية، فإن عون السلطة يحضر الجموع العامة ويشهد على صحة التقارير المفبركة أو على نزاهة مكاتب الوداديات والتعاونيات التي تعمر لأزيد من 30 سنة كأقدم رؤساء أحزاب المغرب وكما هو الحال للتعاونية السكنية "الأمل" المشار إليها والتي هي معروفة عند الكبير قبل الصغير تعاونية سكنية كبرت مع منخرطيها حتى أصبحوا شيوخا ومنهم من توفي ولوضع حد لهذه الآفة الخطيرة وجب على وزارة الداخلية والقضاء المغربي التعامل مع هذه الملفات المشبوهة والبحث كيف تتوفر الحماية لهؤلاء… "الجزء الأول"
وللحديث بقية