رواد الدراما المغربية: تهميش وإقصاء بعد سنوات من العطاء

رواد الدراما المغربية: تهميش وإقصاء بعد سنوات من العطاء

تفانوا في عملهم، وقدموا الكثير للساحة الفنية في المغرب، اشتغلوا بمقابل زهيد في سبيل عشقهم للفن، لكن المقابل لم يكن في مستوى العطاء، فتكسرت المقولة الشهيرة “الجزاء من جنس العمل”، ليصبح وضع الفنانين المغاربة الرواد متدهور، معاناة وفقدان للأمل جراء الإقصاء والتهميش وتفضيل الرداءة على الإبداع وتشجيع أشباه الفنانين على حساب الرواد والمجربين.

تساؤلات الجمهور

يقول هشام وهو عاشق للدراما المغربية منذ تسعينيات القرن الماضي، أن رواد الفن المغربي سواء في الموسيقى أو التمثيل لم تعد لهم مكانة في الساحة الفنية المغربية، فعلى سبيل المثال، إن وجدت ممثلا مغربيا من جيل الرواد كمصطفى الزعري أو المحجوب الراجي في عمل تلفزي فسيكون في دور ثانوي مهمش هذا إن وجد أصلا، وبنبرة حادة يضيف هشام وهو يتحدث عن جيل الرواد وأعمالهم التي مازالت إلى حدود اليوم تذكر قائلا: ” عرضت القناة الأولى المغربية في شهر رمضان لعام 2015 و 2016 مسلسل مرحبا بصحابي في جزئين والذي كان أبطاله أربعة ممثلين من جيل الرواد وهم المحجوب الراجي ومصطفى الزعري وصلاح الدين بنموسى والحسين بنياز بالإضافة إلى وجوه أخرى ، وقيل أن هذا العمل يكرم الرواد ويحتفي بتجربتهم الفنية التي راكموها لعدة سنوات، فهل يستحق رواد الفن المغربي تكريما كهذا بالظهور في مسلسل واحد ثم الاختفاء عن الأنظار كليا أم يستحقون تكريما يساوي قيمة ما منحوه من عطاءات للدراما المغربية ؟”.

ليلى، تعشق المسلسلات والأفلام التلفزية المغربية والتي تحرص على مشاهدتها منذ مدة، تقول أن رواد الدراما المغربية من المفروض أن يكونوا مدرسة للجيل الجديد وينبغي أن يحظوا بالتقدير الذي يليق بهم في الوسط الفني من قبل المخرجين والمنتجين والقائمين على الشأن الثقافي بالمغرب عموما، إلا أن هذا لا يوجد مع الأسف ليصبح غياب الرواد في تزايد مستمر خصوصا في الأعمال التلفزية الخاصة في شهر رمضان المبارك، وأضافت قائلة:” لم يعد الجمهور المغربي يرى الفنانين الرواد القدامى على الشاشة في الأعمال الرمضانية كعبدالخالق فهيد ومحمد الخلفي وجواد السايح ومحمد مهيول وغيرهم بل أصبح يرى أشباه الفنانين الذين يعتمدون على كوميديا “تعواج الفم” للإضحاك كما شاهدناه في سيتكوم الدرب”.

وتضيف ليلى متسائلة:” أين هم الفنانين الذين أبدعوا وأسعدوا المشاهد المغربي بمواقف كوميدية حقيقية في سيتكومات تستحق المشاهدة كسيتكوم “لالة فاطمة” و”سي مربوح” وغيرها من الأعمال التي أظهرت مبدعين من جيل الرواد في أعمال لا زالت راسخة في أذهان الجمهور إلى اليوم”.

محسن، ممثل صاعد، يرى حسب رأيه أن تغييب رواد الدراما المغربية عن الأعمال التلفزية الرمضانية أعطى أعمالا تشجع على “التشرميل” وتساهم في انحلال المنظومة الأخلاقية للشباب المغربي وهدم قيم الأسرة المغربية، بالإضافة إلى الإقصاء الممنهج الذي يمارسوه المسؤولون في حق الرواد مبررين اختيارهم بعبارة “زمانهوم سالا” وهذا في حد ذاته تهميش خطير وكأن للفنان تاريخ صلاحية كعلب الطماطم”، يضيف محسن.

رواد الدراما التلفزية المغربية: الاحتكار والزبونية أهم أسباب التهميش

يقول الفنان الكوميدي محمد مهيول في تصريح لجريدة “المصدر ميديا”: “التلفزيون في المغرب أصبح اليوم تسيره شركات تهيمن على الساحة الفنية المغربية وهؤلاء الشركات لهم مجموعة من الأشخاص والفنانين كذلك تابعين لهم وينتمون إليهم وهذا هو السبب الذي أدى إلى تهميش عدد من الفنانين الرواد في الوقت الحالي”.

بدوره، الممثل جواد السايح المعروف بلقب “الموتشو” أدلى بتصريح ل”المصدر ميديا” قال فيه: “يعود سبب تهميش هؤلاء الفنانين الرواد إلى قلة الإنتاجات بحكم توفر المغرب على قناتين فقط القناة الأولى والقناة الثانية وهذا من بين الأسباب الرئيسية التي ساهمت في تهميش وإقصاء عدد من الفنانين المغاربة الرواد، زد على ذلك أن الاشتغال فقط يكون في كل شهر رمضان أما باقي شهور السنة فتعرف شحا كبيرا في الإنتاجات التلفزية، ورغم وفرة الإنتاج في شهر رمضان يقع تهميش مقصود لعدد من الفنانين، هذا بالإضافة إلى الإنتاجات الأجنبية المدبلجة التي غزت قنواتنا المغربية”، وأضاف قائلا: “الممثلين المغاربة قليلون جدا بالمقارنة مع دول أخرى كمصر مثلا لكن رغم القلة فلا تتاح الفرصة للجميع كي يشتغل وبالتالي يقع تهميش في حقق عدد من الفنانين ويبقى شعار “باك صاحبي وصاني عليك” هي معيار الاشتغال”.

من جانبه قال الممثل والمخرج رشيد الوالي في تصريحه ل “المصدر ميديا” أن ظهور نفس الوجوه الفنية التي تشارك في الأعمال التلفزية الرمضانية يحيلنا مباشرة إلى نفس شركات الإنتاج ونفس المخرجين أي نفس الأشخاص الذين يحصلون على الدعم، وأضاف قائلا: “هذه ظاهرة غير صحية، يجب على المسؤولين بالتلفزة الأخذ بعين الاعتبار هذه المسألة حتي يكون هناك توزيع عادل على أساس طلبات العروض”.

“أصبحت لشركات الإنتاج قوة على التلفزيون وهذا أصبح مشكل يعاني منه الإنتاح في المغرب أدى إلى عطالة عدد من الفنانين الرواد المغاربة” يقول عبد الخالق فهيد في تصريحه لجريدة “المصدر ميديا”، وتابع في ذات تصريحه قائلا: “لا يمكنني أن أقبل بلعب دور ثانوي كفنان راكمت خبرات كثيرة في المجال أمام فنان مبتدئ يلعب دورا بطوليا في أحد الأعمال التلفزية هذا تهميش مقصود في حق الفنانين الرواد المغاربة”.

تهميش الفنانين الرواد في الأعمال التلفزية الرمضانية واقع يعاني منه عدد من الوجوه الفنية، لذلك وجب إعادة النظر في السياسة التي تنهجها القنوات التلفزية المغربية حتى يعود الفنانون الرواد الذين أصبحوا في الوقت الراهن مطلبا جماهيريا ملحا وسط الرداءة والابتذال الذي انتشر في جسد الأعمال الفنية الرمضانية.