جدل إقالة رؤساء الجماعات بين الواقع و النص القانوني

جدل إقالة رؤساء الجماعات بين الواقع و النص القانوني

بعد ثلاث سنوات على تطبيق القانون التنظيمي المتعلفق بالجماعات الترابية، والذي أثار مجموعة من النقاشات الفقهية و القانونية بخصوص مجموعة من المضامين والمستجدات التي جاء بها هذا القانون.

إن أبرز المواد التي خلقت جدلا في الأوساط السياسية نجد المادة 70 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات، حيث تنص هذه المادة على أنه “يجوز، بعد انصرام السنة الثالثة من مدة انتداب المجلس، لنصف أعضاء المجلس المزاولين مهامهم تقديم طلب بإقالة الرئيس من مهامه. ولا يمكن تقديم هذا الطلب إلا مرة واحدة خلال مدة انتداب المجلس. يدرج طلب الإقالة وجوبا في جدول أعمال الدورة العادية الأولى من السنة الرابعة التي يعقدها المجلس
وفي ظل إستخدام مجموعة من المجالس لهذه المادة في الاونة الاخيرة خصوصا انه تم استخدمها لتصفية حسابات سياسية بعيدا كل البعد عن قصد المشرع المغربي،فهذا التصرف يجعلنا نساءل جدوى وضع مثل هذه المواد وما الغرض من الإستمرار بالعمل بمثل هكذا مقتضيات ؟

إن المبدأ في العمل الجماعي هو إتمام الولاية لمدة 5 سنوات لتبقى كل المقتضيات المتبقية إستثنائية لها ظروفها في التنزيل، فمثل هكذا مقتضيات تتنفى و الإرادة الشعبية التي صوتت لصالح حزب معين من أجل تنفيذ برنامجه الإنتخابي، ففي حالة إقالة الرئيس قبل المدة التي تجد سندها الشرعي في الإرادة الشعبية يعتبر إنتهاكا صارخا لهذه الإرادة خصوصا إطا كانت الإقالة لا تتجاوز تصفية بعض الحسابات السياسوية الضيقة.

وتنص الفقرة الثانية من نفس الفصل على أنه “يعتبر الرئيس مقالا من مهامه بعد الموافقة على طلب الإقالة بتصويت ثلثي أعضاء المجلس المزاولين مهامهم”. إن تنزيل هذا ينقل “استمرارية المرفق العام” من مبدأ تسير به الإدارة الى إستثناء تعمل به المجالس كل ما شاءت، كما نجد أن هذا التنزيل يؤثر بشكل مباشر على تفعيل مخططات وبرامج التنمية المحلية، مما يخضع رؤساء المجالس الى وضع المصالحة العامة جانبا، ليخدمو المصالح الخاصة لأعضاء المجلس من أجل استمالتهم وجعل تفكيريهم بعيد عن تحريك الفصل 70 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات.

إن رفض العمل بالمادة 70 لم يأتي إعتباطا أو من محض إرادة شخصية بل هو مبني على أسس قانونية و عملية، فمسألة مراقبة عمل رئيس المجلس موكولة للسلطات اللامركزية بالجماعة وليس لثلثي أعضاء المجلس، كما أنه لا يمكن محاسبة الرئيس على تنزيل البرنامج دون أن يستكمل ولايته، وحتى مهمة المحاسبة فهي إختصاص شعبي حيث ينم محاسبة الرئيس إنطلاقا من عملية التصويت العقابي.

فعودة الى السياق الذي جاء فيه هذا المقتضى، نجده أتى في السياق الإنتقال من عمل المجالس المحلية فقط بميثاق ليتم الإرتقاء بها الى مجالس دسورية، إنطلاقا من دستور 2011 حيث خصص المشرع الدستوري الباب الثاني عشر للحديث عن الجهات و الجماعت الترابية من الفصل 135 الى الفصل 146، وقد زادت القوانين التنظيمية الصادرة في 7 يويوز 2015 من مكانة الجماعات المحلية في الهندسة الإدارية.

إلا أن رغم كل هذه المكانة التي خصصها المشرع للجماعات في إطار العمل بمنطق الجهوية تبقى الممارسة السياسية لدى مجموعة من الأحزاب لا ترقى الى التنفيذ الحقيق لهذا القانون، ويرجع هذا لعدة إعتبارات منها الممارسة الانتهازية لبعض أعضاء المجالس المحلية، ثم ضعف التكوين السياسي والاكاديمي لهذه الفئة نجده يزيد من ضعف عمل هذه المجالس حيث لا تعمل على تنزيل القصد الحقيقي الذي إبتغاه المشرع من تعلية مكانتها.