انتخابات 2021 : ما بعد تزكية 8792 مستشارا جماعيا لم يتجاوز مستوى تعليمهم الإبتدائي .
حسمت لوائح الترشيحات ، وانطلقت الحملة للإنتخابات المزمع تنظيمها يوم الأربعاء 8 شتنبر 2021 ، انتخابات جماعية وجهوية وبرلمانية ، كسابقة وتجربة أولى بالمملكة . يشارك في الانتخابات 31 حزبا سياسيا ، أحسن بعضها في اختيار مرشحيه ، وأخطأ البعض الآخر من منظورنا ، وإن كانت له مبرراته .
أثارت التزكيات سلسلة من الانتقادات ، وموجة من الاستهجان والسخرية ، ومنها على سبيل المثال : لوائح عائلية صرفة ، وعبارة فاعل جمعوي ، فتزكية مجموعة كثيرة من الأميين ، حيث تم إحصاء 8792 مستشارا جماعيا لم يتجاوز مستواهم التعليمي السلك الابتدائي ، منهم 4739 لا يحسنون الكتابة ولا القراءة . هذا الأمر يسائل منظومتنا السياسية ( إن وجدت ) ، ماذا ننتظر من هذه الفئة من اجتهادات قانونية ، أو تدبير محكم للشأن المحلي ، وإن كنا لا نطعن في مصداقية أحد ، فالعالم أصبح عالم معرفة ومنافسة لا ترحم . فكيف سنجابهه بمجالس أمية ؟ تتقن لغة التصفيق والانبطاح ، وتسعى للمصلحة الشخصية تبعا لحدود نطاق تفكيرها العلمي والمنطقي المحدودين ، إن لم نقل المنعدمين .
تزكية هذا الجيش من الأميين تعبير عن واقع الأمية المستشرية في البلد ، وهشاشة المنظومة التعليمية ، تعبير عن قصور الأحزاب السياسية ، وعدم انفتاحها على الأطر المثقفة والمتعلمة ، تعبير عن عن أمية غالبية القادة الحزبيين ، وغياب الديموقراطية الداخلية بها . تزكية هذا الجيش إعلان ونية مبيتة بهذه الأحزاب ، ورغبتها في إبقاء الأحوال على حالها ، وعدم جنوحها للتغيير ومسايرة الأوراش الكبرى في البلاد ، تعبير عن سعيها لتكريس الأمية السياسية ، واستفادها من مجالس الأميين .
وبالمقابل نسجل تزكية بعض الأحزاب للمثقفين ، والمبدعين ، والباحثين العلميين ، وللطلبة ، وللشباب المتعلم . بيد أن مواجهتهم لرجال المال الذين يستغلون هشاشة الناخبين وفقرهم وأميتهم ، ويحولونها لصالحهم قد تحول دون وصول هذه الفئة المؤثرة ثقافيا إلى مركز القرار .
إن تقدم المجتمع ، وازدهار البلد رهين بمجالس قوية ، مشكلة من أطر مثقفة ، تنأى عن المصالح الشخصية . أطر تجتهد في التدبير المحلي والجهوي ، مجدة في اقتراح مشاريع القوانين بالبرلمان ، فالتقدم وكل التقدم بالعلم والثقافة ، وليس بالأمية . فكفى من العبث ! ولنخرج لدائرة الضوء بمرشحين أكفاء متشبعين بالثقافة والقيم ، مسلحين بالعلم وبالعقل .