“الْكُورتي” .. مهنة تكابد شظف العيش في قلب المحطات الطرقية

“الْكُورتي” .. مهنة تكابد شظف العيش في قلب المحطات الطرقية

يسمع القادم إلى المحطة الطرقية بكلميم نداءات من بعيد بصوت مرتفع: "إنزكان..إنزكان، أرا جوج.. جوج.. بويزكارن.. بويزكارن". إنه عبد السلام الذي يشتغل "كورتي" في المحطة الطرقية الخاصة بسيارات الأجرة الكبيرة بكلميم، الذي لم يكرث لوجودنا حتى أنهى إجراءات خروج سيارة أجرة من كبرى المحطات الطرقية في مدينة كلميم.

لا يستقيم نشاط المحطات الطرقية لسيارات الأجرة الكبيرة بالمغرب من دون نداءات المئات من أمثال هذا "الكورتي" الخمسيني، الذي يقول إنه قضى أكثر من عشرين عاماً في هذه المحطة الطرقية حتى أضحى جزءاً منها.

هنا في كلميم تستخدم نسبة كبيرة من المسافرين المحطة الطرقية الرئيسية في المدينة، التي تعد منطلقا إلى وجهات كثيرة في المنطقة شمالاً وجنوباً. عبد السلام هو بمثابة "مايسترو" المحطة، ينظم عمل الطاكسيات الكبيرة ويسهر على احترام "النوبة"، ويتسلم ثمن السفر من الركاب، ويبحث عن "الصرف" عند الضرورة.

لا يرتاح "الكورتي" عبد السلام حتى يكمل كل الإجراءات وتنطلق الطاكسي إلى وجهتها بسلام، مردداً العبارة المعتادة: "ياك ما كاين اللي كيستال الصرف؟.. يالله على بركة الله".

يقول في حديث لهسبريس: "أشتغل في مهنة الكورتي هنا منذ أكثر من عشرين عاماً، وأنا رب أسرة وأب لأطفال"، ويضيف بحسرة: "للأسف، لا يعترف أحد بمهنة الكورتي، لا نتوفر على جمعية، ولا على أي تأمين ولا اعتراف ولا يهتم أحد بنا".

وأورد المتحدث أنه يتشغل أكثر من اثنتي عشر ساعة، ويتناوب على العمل في المحطة أكثر من ستة "كوارتيه" آخرين، كل حسب وجهات السفر.

وطالب "الكورتي" الخمسيني "الجهات المعنية بالالتفات إلى فئة الكوارتيه، لأن رزقنا مرتبط بعمل الطاكسي، إذا توقفت فحياتنا في خطر، لا نتوفر على تقاعد ولا على مصدر رزق آخر ونحن في أرذل العمر".

من جهته، يرى مبارك بوختام، أمين جمعية أرباب سيارات الأجرة الكبيرة بكلميم، أن "الكورتي حرفة يمتهنها غالبا سائقون سابقون لسيارات الأجرة الكبيرة، وجدوا أنفسهم في مرحلة ما من حياتهم بلا مصدر رزق ولا معيل، فيرجعون إلى المحطة الطرقية لكسب قوت العيش".

وأضاف المتحدث أن "أرباب سيارات الأجرة يتضامنون مع هذه الفئة، ويساعدونهم على توفير مصدر رزق من خلال العمل في المحطة الطرقية".

وأشار المسؤول الجمعوي إلى أن "الكورتي يأخذ أجره من خلال استخلاص نسبة محددة من مداخيل كل سيارة أجرة يشرف على انطلاقها من المحطة".

وزاد المتحدث أن "هذه النسبة تختلف حسب الخطوط والوجهات، على سبيل المثال الطاكسي المتجه من كلميم إلى العيون يأخذ الكورتي حوالي 30 درهما كأجر له، في حين يأخذ 10 دراهم على انطلاق سيارة الأجرة إلى مدينة طانطان، وهكذا…".

وطالب الفاعل الجمعوي الجهات المعنية "بتوفير تأمين للسائقين وللكوارتيه، وتوفير الضمان الاجتماعي، وكل حقوق هذه الفئة التي تساهم بشكل كبير في تنشيط الاقتصاد الوطني وقطاع النقل الطرقي بالمغرب".

في المقابل، نقلنا بعض هموم "الكورتي" إلى المندوب الإقليمي لوزارة التجهيز والنقل بكلميم الذي نفى أن تكون وزارة النقل هي المشرفة على هذا المجال، وقال في تصريح لهسبريس: "وزارة الداخلية والمجلس البلدي هما المعنيان بهذا الموضوع".

وأضاف المسؤول الإقليمي أن "الوزارة تسلم فقط البطاقة المهنية لسائقي سيارات الأجرة، ولا تتدخل في تدبير المحطات الطرقية".

وأشار إلى أن "تدبير المحطات الطرقية هو من اختصاص المجلس الجماعي لكلميم. ووزارة التجهيز والنقل تقوم بالمراقبة في محطات الحافلات، ولا تتدخل في محطات سيارات الأجرة الكبيرة".