الإعدام يصادم الرميد وأوجار .. خصوصية مغربية ومواثيق دولية
يحلُّ اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام غدا الثلاثاء 10 أكتوبر، ويتزامن هذه السنة مع موقفيْن مُتناقضيْن صدَرا عن وزيريْن في الحكومة؛ فبيْنما أكَّد مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، في مجلس حقوق الإنسان بجنيف، أنّ المغرب لن يلغي عقوبة الإعدام، أبْدى وزير العدل، محمد أوجار، "مُرونة" حين حديثه في هذا الموضوع خلال ندوة إقليمية نُظمت بالرباط الأسبوع الماضي؛ إذ عبّر عن رأي أمْيل إلى موقف المنظمات الحقوقية المطالبة بإلغاء هذه العقوبة.
أوجار قال، خلال الندوة سالفة الذكر، إنّ "الحق في الحياة هو أسمى حقوق الإنسان، وينبغي أخذُ هذا المعطى بعين الاعتبار"، مشيرا إلى تقليص عدد الجنايات التي تصل عقوبتها إلى الإعدام في مشروع القانون الجنائي الجديد من 31 إلى 11، بيْنما أبدى وزير الدولة، مصطفى الرميد، أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف، رفْضه للإلغاء التام لهذه العقوبة، وإن أشار إلى أنّ "المملكة تؤكّد أن النقاش الوطني المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام ما زال متواصلا".
محمد السكتاوي، المدير العام لمنظمة العفو الدولية-فرع المغرب، قال إنّ منظمته التي تقوم منذ سنوات طويلة بحملة مكثفة من أجْل حثّ الدول على إلغاء عقوبة الإعلام، "تأخذ على محمل الجدّ التصريحات الصادرة عن المسؤولين المغاربة بهذا الشأن"، لكنّه أبْدى توجّسه من أن تكون تصريحات وزير العدل الأخيرة "كالتصريحات الجيّدة والوعود التي سبقتْها، والتي لا تؤدّي إلى أي نتيجة، لأننا حين نصل إلى مرحلة الحسم نجد أننا ما زلنا نراوح مكاننا".
المنظمات الحقوقية المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام في المغرب تعزّز موقفها بكون المغرب مطالبا بالامتثال لعدد من المواثيق الدولية التي صدَّق عليها، وكذا منطوق الوثيقة الدستورية، التي نصت في الفصل الـ20 على أنّ الحقَّ في الحياة "هو أوّل الحقوق لكل إنسان"، كما أنّ هيئة الإنصاف والمصالحة دعت، بدورها، في تقريرها الختامي، إلى إلغاء عقوبة الإعدام، "ولهذه الاعتبارات كلها، يجب على المغرب أن يحسم أمره ويُلغي هذه العقوبة"، يقول السكتاوي.
وتوقّف المغرب عن تنفيذ عقوبة الإعدام منذ سنة 1993، لكن المنظمات الحقوقية ترى أنّ هذا ليس كافيا، طالما أنّ محاكم المملكة لا تزال تُصدر أحكاما بالإعدام. ويرى محمد السكتاوي أنّ المغرب مدعوٌّ، اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى إلغاء عقوبة الإعدام، خاصة بعد عودته إلى الاتحاد الإفريقي، قائلا: "أغلب دول الاتحاد الإفريقي ألغت عقوبة الإعدام، بما فيها تلك التي تقطنها أغلبية مسلمة، مثل السنغال، وإذا أراد المغرب أن يكون له دور ريادي في المنظومة الإقليمية على صعيد حقوق الإنسان، فعليه أن يلغي هذه العقوبة".
من جهة أخرى، قالت "أمنستي" في بلاغ أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، الذي يصادف هذه السنة الذكرى الأربعين لـ"إعلان ستوكهلوم" الذي كان أوَّلَ إعلان يصدُر بشأن إلغاء عقوبة الإعدام ودعا جميع الحكومات إلى إلغائها، (قالت) إنّ الدول التي ما زالت تنفذ هذه العقوبة "تلفّها عُزلة متزايدة، ولم تعُد سوى أقلية معزولة". وكان عدد الدول التي ألغتْ عقوبة الإعدام من قانونها وقتَ صدور الإعلان سالف الذكر 16 دولة فقط، بينما يصل العدد اليوم إلى 105 دول.وحسب الأرقام التي قدمتها منظمة العفو الدولية، فإنّ عدد الدول المُنّفذة لعقوبة الإعدام خلال سنة 2016 لم تتعدَّ 23 دولة، أغلب هذه الأحكام نفذت في مجموعة صغيرة من الدول، هي الصين وإيران والمملكة العربية السعودية والعراق وباكستان.