ضيعات فلاحية تسبب “العطش” لسكان جماعة قروية بإقليم تازة

ضيعات فلاحية تسبب “العطش” لسكان جماعة قروية بإقليم تازة

تعيش الجماعة الترابية الزراردة، الواقعة بدائرة تاهلة بإقليم تازة، منذ أكثر من أسبوعين، على وقع انقطاع متكرر للماء الصالح للشرب؛ وهو ما جعل السكان يواجهون أياماً صعبة دون ما يكفي من المياه الصالحة للشرب أو للاستعمالات المنزلية، في وقت لا تزال فيه درجات الحرارة تشهد ارتفاعاً طفيفاً من حين إلى آخر.

وأفاد سكان من هذه الجماعة الترابية، البالغ عدد سكانها أكثر من 10 آلاف نسمة، بأن صبيب الماء الصالح للشرب ضعيف جداً، ويتم توفيره لساعات قليلة، واحتج آخرون لعدم تحرك مصالح المجلس الجماعي لإيجاد حل استباقي لهذا الأمر، خصوصاً أن الانقطاع أصبح سمة متكررة في السنوات الأخيرة.

يأتي هذا المشكل في وقت أثار فيه الملك محمد السادس الانتباه إلى مشكل خصاص الماء الصالح للشرب ولمياه الرعي في المناطق القروية والجبلية؛ وذلك خلال المجلس الوزاري الذي انعقد أمس الاثنين، حيث أعطى توجيهاته إلى سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، من أجل تكوين لجنة تحت رئاسته تنكب على دراسة هذا الموضوع قصد إيجاد الحلول الملائمة خلال الأشهر المقبلة.

وخلال شهري يوليوز وغشت المنصرمين، عاشت عدد من المناطق القروية عبر ربوع المملكة احتجاجات بسبب نقص في إمدادات المياه الصالحة للشرب، خصوصاً مع توالي سنوات طبعتها سمة ضعف التساقطات المطرية وارتفاع الطلب على الماء، مقابل غياب أي إجراءات استباقية فعالة لمواجهة موجات العطش المحتملة.

وحسب فاعلين جمعويين في الجماعة الترابية الزراردة، فإن اتساع أنشطة الضيعات الفلاحية بالمنطقة أدى إلى استنزاف الموارد المائية؛ وهو ما جعل البئر المسماة “عين بوشيبة” تتضرر بفعل ذلك، وقال بعض السكان إن المسؤولين على الأمر لم يبادروا إلى اتخاذ إجراءات استباقية، خصوصاً أن المنطقة جبلية وتتوفر على سد يمكن أن يحول دون وقوع هذه المشاكل.

وأوضح محمد السعيدي، المدير الإقليمي بتازة لقطاع الماء بالمكتب الوطني للماء والكهرباء أن الثقب المائي الذي يزود الجماعة الترابية الزراردة كان يتوفر على صبيب يصل إلى 12 لترا في الثانية وهو ما كان يبلي حاجيات الساكنة كلها؛ لكن هذا الصبيب انخفض إلى 5 لترات في الثانية، أي أقل من النصف، نظراً لتوالي سنوات الجفاف.

وأضاف السعيدي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الفرشة المائية بالمنطقة انخفضت بـ80 مترا، وهو أمر غير مسبوق حتى بات العجز المسجل حالياً يصل إلى 60 في المائة من الماء في المنطقة، وأشار إلى أن المصالح المعنية بهذا الموضوع تدبر هذا المشكل عن طريق برنامج للتوزيع لكي يتوصل السكان بالحصة اليومية من الماء.

وأشار المسؤول إلى أن مصالح المكتب الوطني للماء الصالح للشرب بتازة لجأت إلى اتخاذ إجراءات لمواجهة المشكل، من قبيل القيام بفرقعات صغيرة لدر الماء إلى الثقب المائي؛ لكنه أشار إلى أن هذه التقنيات "لم تعط نتيجة كبيرة كي تتم تغذية الفرشة المائية".

وقال السعيدي إن مصالح المكتب الوطني للماء جلبت آلية إلى عين المكان من أجل حفر ثقب مائي جديد بعمق أكثر من الثقب الأول، إضافة إلى الشروع في توفير ثقب آخر بمنطقة لوطا الجمعة التابعة للجماعة الترابية الزراردة من أجل وضع خزان استراتيجي لتفادي الانقطاعات المائية في المستقبل.

وأرجع المسؤول الإقليمي هذا النقص في الماء إلى انخفاض الواردات المائية بسبب ضعف التساقطات، مقابل ارتفاع الاستعمالات المائية خصوصاً مع تنامي الضيعات الفلاحية بالمنطقة؛ وهو الأمر الذي يشكل ضغطاً على الفرشة المائية.

جدير بالذكر أن المناطق التي تعرف اضطرابات متفاوتة في التزويد بالماء الصالح للشرب بالمغرب، خصوصاً في فترات الصيف، تبلغ حوالي 37 مركزاً من بين 681 مدينة ومركزاً يتدخل بها المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب. ويتوفر المغرب حالياً على 140 سداً كبيراً، بالإضافة إلى 13 منشأة للتحويل، إضافة إلى آلاف الآبار والأثقاب، وأسهمت هذه البنيات التحتية في ضمان الأمن المائي في الوسط الحضري بنسبة الولوج 100 في المائة. أما بخصوص الوسط القروي فما زالت هناك نقط تعاني من الانقطاعات.